بقلم / أية محمود رزق
شعورًا عميقًا ومؤلمًا يسيطر على النفس، ويتساءل الكثيرون: هل تجد مكانتك لدى ذلك
الشخص الغامض الذي تسعى للعثور عليه؟ هل أحلامك كبيرة إلى حد تعرضها للاستخفاف؟ وهل لديك الكثير من الطلبات التي تبدو غير قابلة للتحقيق؟ لماذا نواصل تكرار الوعود والكلمات التي لا تعكس الواقع؟ هل حقًا أنت إنسان محبوب؟ هل تعيش في بيئة تتوافق مع أخلاقك ووفائك في تعاملك مع الآخرين؟
لماذا نستمر في العطاء دون انتظار مقابل، وإلى متى سنظل نقدم بلا حدود؟ يقولون إن فاقد الشيء لا يعطيه، لطالما كنتُ أُنكر مقولة فاقد الشيء يُعطيه، لكن عندما تأملتُ في حياتي، أدركتُ أن فاقد الشيء قد يكون أكثر كرماً من المعطي. على الرغم من أن حياتي قد تكون مليئة بالظلام، إلا أنني أعتبرها نوراً وأملاً للآخرين، حيث أعيش في عمق التحديات بينما أُعطيهم كل ما هو جميل. أتحمل أعباء الحياة على أكتافي حتى ينحني ظهري من ثقلها، ورغم ذلك، أظل الكتف الذي يُعتمد عليه، بمثابة المنارة التي تُرشدهم في النهار قبل الليل. أستمد من رمادي ما يُشعل آمالهم بي، وفي النهاية، أدركتُ أن كل من يُعطي هو فاقد، بعمق شديد
ولكنني أؤمن أن فاقد الشيء يجود بما يفوق المتصور. للأسف، أصبح مجتمعنا يفتقر إلى معنى الرحمة، صار القلوب القاسية هي السائدة، بينما يُعتبر الطيب القلب علامة على الضعف.
نعيش في زمن يدعي فيه الكثيرون أن أسباب معاناتهم في الحياة هي طيبة قلوبهم، وصدق أقوالهم، ورزانة نفوسهم. ولكن في الحقيقة، إذا كانت هذه الصفات متوفرة فينا جميعاً، لكان بإمكاننا أن نعيش في سلام ووئام، ونحب بعضنا البعض دون خصام، ونتعامل بصدق دون خيانة.
اليوم، نجد أن الكثيرين يهربون من صفاتهم الحقيقية، محاولين إخفاءها في الخفاء، بينما يتقمصون صفات أخرى تناسب مظاهرهم في العلن. أصبح من الشائع بين الناس أن يرفعوا أصواتهم في محاولات للتفوق، وكأن الكذب وتشكيل الحقائق هما الوسيلة للانتصار.
نتيجة لذلك، تفقد الصفات قيمتها، ونجد صعوبة في التمييز بين الصادق والكاذب، والخائن والأمين. لذلك، ابقَ وفياً لذاتك، وكن أنت.