عِنْدَمَا يَتَعَاظَمُ الْحُزْنُ فَوْقَ كُلِّ مَعْقِلٍ، وَتَسْكُنُ الْأَسَى فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ وُجُوْدِنَا، تَحْلُوَ الْأَمُورُ بَآلَامٍ غَامِرَةٍ لَا حُلُّ لَهَا. إِنَّمَا هُوَ وَقْتٌ مُظْلِمٌ لَا يَعْرِفُ الْأَمَلَ، وَلَا يَتَسَعُ لِنُورِ الْشَّمْسِ.
فِي تِلْكَ اللَّحْظَاتِ الْمُرِيرَةِ، يَخْتَلِطُ الْحُزْنُ بِالْيَأْسِ، وَيَتَحَوَّلُ الْأَمَانُ إِلَى جَحِيمٍ مُظْلِمٍ لَا نِهَايَةَ لَهُ. تَبْدُو الْدُّنْيَا كَأَرْضٍ خَرِيبَةٍ لَا يَمْكِنُ أَنْ تُجْدِي فِيهَا سِوَى الْأَلَمِ وَالضُّيُونِ.
عِنْدَمَا يَسْتَولِي الْحُزْنُ عَلَى قُلُوبِنَا، يَصْبَحُ الْعَالَمُ مَكَانًا خَائِفًا لَا يُرِيدُ الْإِنْسَانُ الْبَقَاءَ فِيهِ. يَتَجَمَّدُ الْوَقْتُ بَيْنَ اللَّحْظَاتِ الْمُرِيرَةِ، وَتَتَكَوَّنُ الْقُطُوْبَةُ السَّودَاءُ مِنْ حَوْلِنَا، تُغْطِينَا بِظِلَامِهَا الْكَئِيبِ.
فِي هَذِهِ اللْحَظَاتِ، تَخْتَلِطُ الْأَفْكَارُ وَالْمَشَاعِرُ بِشَكْلٍ مُرِيعٍ، وَلَا يَعْرِفُ الْإِنْسَانُ كَيْفَ يَتَصَرَّفُ أَوْ يَتَحَرَّكُ. تَصْبَحُ الْدُّنْيَا مَسْرَحًا لِلْأَحْزَانِ، وَالْكَلِمَاتُ تَصْبَحُ مُجَرَّدَ صَخَبًا مُمِلًّا بِدُونِ أَيِّ مَعْنَى.